بعيدا عن إزعاج الناس
وتعالي صوت مضخة القطار التي تلف المدينة ورائحة القهوة التي تنتشر في أرجاء المنطقة من مقهى العم مصلح .
وشيخ يراقب أرجاء البلدة من فوق الشرفة ويحتسي كوب من الشاي .
أما أنا فكنت غارقة بين رفوف الكتب فهي أجمل ما عندي فتناولت كتابا وتوجهت نحو زاوية من المكتبة ومن نافذة المكتبة شدني منظر المدينة من الأعلى .
رأيتُ حينها شيخ كبير يدرك بأن العمر مجرد رقم وليس الشيب إلا علامة بأنك قطعت مشوار كبير من إنجازاتك ونجاحاتك وإبداعاتك وثقتك بالحياة .
فهو يدرك بأنه ما زال بفتوة شبابها يستطيع بأن يعمل ويُقدم ويُنجز ويروي الأرض بفكره .
لا يزال يصحو مبكرا للعمل والنشاط ..
بينما كان هناك وبالقرب من مصنع البُن شاب شاحب الوجه ،منهمك في همومه ،غارق بدنياه ،بين المتاهات عالق ، والبسمة اختنقت حتى ملامحه اختفت ، ليس مهتم بقيمة ما يملك ،الخوف يملئ كيانه .
مهما كانت حياتك قاسية تعايش معها فحين تنكسر لن يرممك الزمان إلا بأمر منك ،وحين تنهزم لن ينصرك إلا عزيمتك ،فلا تيأس فالأشياء لن تتغير ،بل نحن من يتغير فقدرتك على الوقوف مرة أخرى هي من أختيارك ،فالحياة لا تعطينا ما نحب ولكن القناعة تعطينا كل الحياة.
الحياة مليئة بالعقبات لكن عليك أن تتجاوزها ،
عليك بإتخاذ التفاؤل شعارا لك تنير به الدروب وتقطع به مسافات النجاح ، وتجعل العزيمة والاصرار عنوان أيامك .
فالتقدم في العمر حتمي ولكن أن تشيخ روحك فهو إختيارك وقرارك ففي رحلة التغيير إجعل من حياتك شخصا مختلفا يستحيل تكراره .. فإن كنت من يفكر بإسعاد الناس فحقا أنت شخص للسعادة ، فالأهم أن تُسعد نفسك .
السعادة ليست أن تمتلك المال والشهرة أكثر من ما يملكه الناس بل أن ترضى أكثر مما يرضى الناس.
أخيرا أحذر أن يستولى عليك الإحباط فتصبح صفرا
لا وزن لك ولا قيمة بل إصبر وقاوم وتحمل مشاق الحياة .
واعلم بإن الحجرة التي اسقطتك ستنعشك أزمانا..
إذا كان الأمس ضاع فبين يديك اليوم
وإذا كان اليوم سوف يجمع أوراقه ويرحل فلديك الغد لا تحزن على الأمس فهو لن يعود ولا تأسف على اليوم فهو راحل
واحلم بشمس مضيئه في غد جميل..
حليمة السعدية .. سلطنة عمان