ما أن تدخل أحد مواقع التواصل الاجتماعي إلا وتتفاجأ بسيل من المسابقات التي تحمل في طياتها العديد من الجوائز المغرية، والتي يعود بعض منها لحسابات موثقة لأفراد أو لشركات، وأخرى حسابات وهمية لا يعرف أصحابها، وكل هذه وتلك قد يكون هدفها هو زيادة أعداد المتابعين لها، وقد يكون لها أهداف أخرى، لكن هل هي مسابقات نظامية أم مخالفة؟
الحسابات الموثقة التي يديرها شخصيات وأغلبها تكون لمشاهير معروفين لدى المجتمع تجدها تضع مسابقات وتضع لها جوائز معنوية، مثل الأجهزة الإلكترونية ومن أشهرها الجوالات بالإضافة إلى مبالغ مالية بآلاف الريالات، ويتم إعلان الفائزين بشكل يومي وتحويل الجوائز لهم وتوثيق ذلك وعرضه في حساباتهم للدليل على مصداقية المسابقة أمام متابعيهم.
في المقابل نجد حسابات وهمية لا نعرف من يديرها، بعضها لأفراد وأخرى لشركات وهي حسابات غير موثقة وغير آمنة، وتعلن عن مسابقات وجوائز مادية ومعنوية، ونجد المتابعين يسعون وراءها سعي العطشان وراء السراب، تلك الحسابات لا يعرف المتصفح لـ”تويتر” من يديرها؟ ومن يدعمها؟ وما المحتوى الذي تقدمه؟ وما الهدف منها؟
وكثير من متابعي الحسابات لا يثقون بمصداقية المسابقات حتى لو كانت حسابات موثقة ومعروفة، فمنهم من يجد نفسه أنه يشارك منذ عدة أشهر ولم يحالفه الحظ في الفوز رغم أنه يرى أنه كان مؤهلاً لذلك، فبدأ يساوره الشك في مصداقيتها، ومنهم من يرى أن تلك الجوائز تخصص لأشخاص معينين يتم التنسيق معهم مسبقًا.
فيما يرى آخرون أن تلك المسابقات وهمية من أجل زيادة أعداد المتابعين، وبعضهم يقول إن بعض أصحاب الحسابات يريد شهرة وزيادة في عدد متابعيه والاستفادة من الإعلانات مستقبلاً، أو لمجرد الشهرة، ولا يملك مصداقية في مسابقاته.
فيما يرى البعض أنهم ينأون بأنفسهم عن المشاركة فيها أو حتى متابعة الحسابات التي تقدم مسابقات لأن أهدافها غير بريئة أو غامضة أو غير صحيحة، وأيضًا لعدم الثقة في القائمين عليها، فتلك الحسابات أو المسابقات قد تغرس قيمًا سلبية في المجتمع، ومنهم من يرى أن تلك المسابقات تشهد حوالات مالية لحسابات بنكية غير معروف أصحابها، فقد تكون هذه الحسابات تعود لأشخاص مشبوهين.
وأكد أحمد الصقري، الخبير الإلكتروني وأحد رواد مواقع التواصل، والذي شارك في عدد من المسابقات منذ عام 2014 إلى عام 2020، أن ما نسبته 99% من المسابقات هدفها جذب المتابعين والضحية المتابع، والفائز الحقيقي هو صاحب المسابقة الوهمية، حيث أصبح معدل عدم المصداقية في المسابقات في ازدياد لأنها بدون رقابة ومتابعة.
وأضاف: أن “صاحب المسابقة يستطيع أن يتحكم في ١٠٠ حساب في ضغطة زر واحدة من خلال استخدام تطبيق أو موقع tweetdeck ، بل إن هناك الآن مواقع تعطيك يوزر ورقمًا سريًا ودخولًا إلى لوحة التحكم والخصائص الموجودة لديك (رتويت + لايك + زيادة مشاهدات فيديو + رد على تغريدة إلى آخره)، وجميع الميزات موجودة.
وتابع: “يستطيع صاحب المسابقة أن يختار الفائز قبل المسابقة، ويستطيع تغيير اليوزر كل فتره من أجل ألا يكشف المتابعون الأسماء الوهمية”.
وقال “الصقري”: إن “بعض حسابات المسابقات أصبحت تشكل عصابات الآن وبعضهم يساعد بعض من أجل المتابع الذي يعيش جو المسابقة الوهمية، والبعض الآخر يجبر الناس بأنهم يتابعون حساب شخص آخر أو رتويت أو غيره من باب الدعم والمستفيد هو صاحب المسابقة لأنه قد أخذ قيمة الدعم وعيش المتابعين”.
وتساءل: هل يعقل لشخص أن يدفع مائة ألف ريال قيمة جوالات آيفون فقط لتكون جوائز، وهل يعقل لشخص يدفع في اليوم الواحد ثلاثة آلاف ريال يوميًا، وبمعدل تسعة آلاف ريال في الشهر؟ من أين لهم هذه الأموال؟
وطالب الخبير الإلكتروني بأن تكون هناك جهة رسمية تتابع هذه المسابقات وتشرف عليها، وتكون هي المسؤولة عن تسليم الجوائز، لأن بعض الحسابات يجمع متابعين من كل حدب وصوب، ولا تعرف ما هو الهدف بعد انتهاء هذه المسابقات الوهمية، فقد يكون هذا الحساب يشكل خطرًا على أمننا في المستقبل تحت شعار (المسابقات).
من جانبه، قال المحامي والقانوني عبدالكريم القاضي: إنه “يعتبر عمل المسابقات بمقابل مالي من قبيل العمل التجاري وينعكس على حساب الشخص المعني بأعمال المسابقات بمقابل مالي، ولذلك لا بد من الرجوع إلى وزارة التجارة في هذا الشأن، لأن العمل التجاري دون الرجوع للوزارة يعاكس اتجاهاتها، كما أن استعمال الإعلان عن المسابقة بالنشر الإلكتروني مخالف لنظام النشر الإلكتروني لعدم الحصول على الإذن مسبقًا من التجارة وهي المسؤولة عن ذلك “.
وردًا على استفسار “سبق” حول تلك المسابقات، قالت وزارة التجارة: إن “الحسابات الوهمية والمزيفة على موقع التواصل الاجتماعي، والتي تروج لمسابقات تجارية بهدف كسب المتابعين تندرج تحت أنشطة الاحتيال”.
وأضافت: “يشترط على المنشآت التجارية، والمتاجر والحسابات الإلكترونية التي لديها سجل تجاري أو المسجلة في منصة معروف الحصول على تصريح لإجراء المسابقات التجارية من الغرف التجارية، حيث يعد إجراء مسابقة تجارية بدون الحصول على تصريح مخالفة لنظام مكافحة الغش التجاري”.
وتابع: “يعتبر الإعلان عبر الوسائل الإلكترونية للمسابقات الوهمية مخالفة لنظام التجارة الإلكترونية، والذي ينص على فرض عقوبات على كل من يخالف أحكام النظام تبدأ بالإنذار، وغرامة تصل إلى (1.000.000) مليون ريال، والإيقاف عن مزاولة التجارة الإلكترونية بشكل مؤقتً أو دائم، وحجب المحل الإلكتروني جزئيًّا أو كليًّا، مؤقتًا أو دائمًا بالتنسيق مع الجهة المختصة”.