أكد معالي وزير المالية السعودي، محمد بن عبدالله الجدعان، خلال كلمته في منتدى صندوق “أوبك” للتنمية بمدينة فيينا بالنمسا، أن أمن الطاقة ليس ترفًا، بل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية والنمو الشامل. وشدد على أن غياب أمن الطاقة يعطّل قطاعات حيوية مثل الرعاية الصحية، التعليم، الإنتاجية الاقتصادية، الاستدامة البيئية، واستخراج المياه، وتحقيق الأمن الغذائي.
قدم الجدعان شكره وتقديره لصندوق أوبك للتنمية الدولية على تنظيم هذا المنتدى، الذي يسلط الضوء على دور الإصلاحات الاقتصادية في تعزيز قدرة الدول على الصمود ومواجهة التحديات المالية والاقتصادية، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة.
وأوضح وزير المالية أن الإصلاحات الاقتصادية الهادفة إلى الازدهار ومواجهة التحديات التنموية، ترتكز بالضرورة على تأمين الاحتياجات الأساسية للفرد والمجتمع. ويأتي في مقدمة هذه الاحتياجات التصدي لتحدي فقر الطاقة الذي يواجه نحو 1.2 مليار شخص حول العالم.
صرّح الجدعان بأن “مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، وتقلبات الأسواق، وارتفاع الطلب العالمي على الطاقة، أصبح السعي نحو طاقة أكثر أمنًا وتنوعًا أشد إلحاحًا من أي وقت مضى”. وأشار إلى أن ذلك يتطلب تحركًا استراتيجيًا لتنويع مصادر الطاقة، وزيادة الاستثمارات في مجال التقنيات النظيفة، واعتماد حلول تمويل مبتكرة لتسريع الوصول إلى الطاقة وتعزيز أمن الطاقة على المدى الطويل.
ونوه معاليه إلى ضرورة تحرك بنوك التنمية متعددة الأطراف بشكل فعال وفق أربعة محاور رئيسة لمواجهة التحديات:
- دعم جميع مصادر الطاقة بدون تحيز: مع الحذر من الدفع لتبني سياسات غير واقعية لتخفيض الانبعاثات من خلال إقصاء مصادر رئيسة للطاقة أو إهمال الاستثمار فيها.
- توفير التمويل الميسر: بهدف تسريع تلبية احتياجات المناطق التي تعاني من النقص في الوصول إلى الطاقة. وأشاد بمبادرة “مهمة 300” الطموحة لتوفير الطاقة لـ 300 مليون شخص في أفريقيا، بقيادة البنك الدولي وبمساهمة بارزة من شركاء مثل البنك الإسلامي للتنمية وصندوق أوبك للتنمية الدولية. كما أثنى على مبادرة حلول الوقود النظيف لتوفير الغذاء “فورورد7″، إحدى مبادرات الشرق الأوسط الأخضر التي أعلنت عنها المملكة، وتهدف لتوفير حلول الوقود النظيف لملايين الأشخاص حول العالم، وقد تم التعاون فيها مع صندوق أوبك للتنمية، والبنك الإسلامي للتنمية، والبنك الدولي، والمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة (ITFC).
- خفض مخاطر الاستثمار في قطاع الطاقة: بهدف تحفيز مشاركة القطاع الخاص، وذلك من خلال أدوات مثل الضمانات الجزئية للمخاطر، والتأمين ضد المخاطر السياسية، وهياكل التمويل المختلط.
- زيادة الاستثمار في التقنيات الناشئة بقطاع الطاقة: مثل تقنيات احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، وتطوير استخدامات المواد الهيدروكربونية الأكثر استدامة، مما يسهم في معالجة الانبعاثات الكربونية وضمان أمن الطاقة أثناء التحول نحو الحياد الصفري.
وشدد الجدعان على أن تداعيات فقر الطاقة لا تعرف حدودًا، وآثارها تطال جميع الدول، سواء من خلال عدم الاستقرار الاقتصادي، أو تزايد ضغوط الهجرة، أو ارتفاع الأعباء الإنسانية.
واختتم وزير المالية كلمته بأن المملكة العربية السعودية تعمل مع جميع الأطراف لتعزيز أمن الطاقة والقضاء على فقر الطاقة، مع مواصلة جهود التصدي لتغير المناخ. وأوضح أن المملكة حددت هدفًا طموحًا يتمثل في توليد 50% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030، وتحقيق الحياد الصفري للانبعاثات بحلول عام 2060، ضمن إطار نموذج الاقتصاد الدائري للكربون، مؤكدًا ضرورة تعاون جميع الدول في تعزيز أمن الطاقة كونه السبيل الأمثل لتحقيق تنمية عادلة ومستدامة يستفيد منها الجميع.