بقلم ـ أسماء سميح – المدينة المنورة
مرحبًا حلوتي
لدى أبيكِ الكثير ليقوله لكِ، دائمًا ما أُحدث نفسي لو رُزقتُ بصغيرةٍ سأعلمها اللغات أكثر من أي شيء آخر، سأعلمك أن التعلق ليس سهلًا كتهجئة الحروف، سأعلمك قول “أحبك” لمن يستحقها فقط، أن الخسارة ليست فشلًا قدر ما هي كسل، وأن “الإيموجي” عدو التعبير، أن الصباح امتيازٌ لمن يدركه، وأن الموسيقى ليستْ مؤذية، مثلها مثل الحُب.
سأعلمك حلوتي أن لا تنتظري ” اللايك والرتويت “، وأن ” البلوك ” لا يصلح دائمًا، وفلاتر “سناب” مهما جملت شيء من صورتك فإنها لن تجمل حياتك، أن أجمل انعكاس للمرء في نفسه هو احترامه لذاته قبل غيره، أن رأس المال الحقيقي هو في محبة الناس، والتنازل قليلًا ليس عيبًا.
سأعلمك أن الكبار يُخطئون كما الصغار، والدنيا أجمل خارج شبكات التواصل، والإعجاب بالشيء لا يعني أنه يُناسب، والكتابة بخط اليد أجمل.
سأعلمك أن الأمور الرائعة تأخذ وقتًا، والهواتف المحمولة ليست امتدادًا طبيعيًا لليد.
سأعلمك أن لا تلومي بسهولةٍ، أن تحترمي كفاح الآخرين من حولك، أن الثقافة ليست في الكتب فقط؛ بل حولك أيضًا، والزواج ليس غاية، وإهانة المرأة أكبر جُبن، أن كسب المعرفة والاحترام أنبل من كسب المتابعين على حسابات التواصل، أن تفكري مرتين قبل أن تُرشي أحدًا أو تضربي طفلًا، أو تتجاوزي اشارةً حمراء، أو تلوثي شارعًا، أو تغتابي أحدًا.
سأعلمك أن الوقوف على الحياد في كل وقت يضرُّ أحيانًا، أن تكوني ممتنةً لمن يُخلِص، ولمن يُقدر أنكِ بحاجة وقتٍ لنفسك مهما كان قريبًا منك، ألا تُذكرّي أحدًا بماضيه ما دام لا يرغب في الحديث عن شيء مما فات، أن القهوة جيّدة لروحك، أن لا تبتسمي إلا إذا كنتِ تعنين ذلك.
سأعلمك أن لا تقاومي البكاء والفرح، ابك كأنك لم تبكِ من قبل، وافرحي كأن الفرح لا يسعُ إلا أنت، أن لا تتخذي شخصًا حيًا قدوةً إلا عن معرفةٍ عميقةٍ وجيدةٍ لأن الأحياء يتغيرون ويتلونون أحيان كثيرة، ألا تكوني أنانيةً حتى في الأشياء ومع الذين تحبينهم.
لاتنسي..ستجدين دائمًا أسباب رائعة للبكاء، لا يهم، أمك لها يدان جيدتان في مسحِ الدموع
بانتظارك حلوتي، ف أبيكِ فكره شاردة.