بعد مرور أكثر من 1300 عام على تأسيسه على يد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في العام 144هـ، يشهد مسجد البيعة في مشعر منى بمنطقة مكة المكرمة مرحلة جديدة من العناية والترميم ضمن المرحلة الثانية من مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية، في خطوة تسعى إلى تعزيز البُعد الحضاري الإسلامي للمملكة، وإعادة إحياء المواقع التي كان لها دور محوري في التاريخ الديني والثقافي والاجتماعي.
ويحمل مسجد البيعة، الواقع في “شِعْب الأنصار” قرب جمرة العقبة، رمزية دينية وتاريخية، كونه شهد بيعة العقبة التي كانت نقطة انطلاق لهجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. كما يتميز بخصائص معمارية أصيلة تمثل هوية البناء الحجازي، وتعكس القيم الفنية والسياقية للعمارة الإسلامية في تلك الحقبة.
ويعمل المشروع على ترميم المسجد وفق الطراز المعماري للمنطقة الغربية، محافظًا على مساحته الأصلية البالغة 457.56 مترًا مربعًا، وبطاقة استيعابية تصل إلى 68 مصلٍّ. ويتميّز البناء باستخدام الطوب المنقبي، والجبس، والأخشاب، إضافة إلى التصميم البسيط للواجهات، بما يعكس الخصائص البيئية والعمرانية للمنطقة.
ويأتي هذا الترميم ضمن قائمة تشمل 30 مسجدًا تاريخيًا تغطي جميع مناطق المملكة الـ13 في المرحلة الثانية من المشروع، من بينها 6 مساجد في منطقة الرياض، و5 في منطقة مكة المكرمة، و4 في المدينة المنورة، و3 في عسير، ومسجدان في كل من المنطقة الشرقية والجوف وجازان، ومسجد واحد في كل من نجران، حائل، القصيم، الباحة، تبوك، والحدود الشمالية.
ويُذكر أن هذه المرحلة جاءت امتدادًا للمرحلة الأولى التي شملت إعادة تأهيل 30 مسجدًا في 10 مناطق، ويستند المشروع في مراحله إلى أربعة أهداف إستراتيجية، تشمل:
إعادة تأهيل المساجد التاريخية للصلاة والعبادة
استعادة الأصالة العمرانية للمساجد
إبراز البُعد الحضاري للمملكة
تعزيز المكانة الدينية والثقافية للمساجد
ويتماشى المشروع مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 من خلال المحافظة على الهوية العمرانية الإسلامية، والاستفادة منها في تطوير تصميم المساجد الحديثة، بما يسهم في تعزيز الدور الثقافي والحضاري للمملكة على المستويين المحلي والدولي.