
ميني نيوز – شيماء الشريف – الكويت
أمام مدخل القصر »قصر حريم السلطان« جلست ارقب المكان والزمان، كيف لبناية مرت عليها قرون وقرون لم تتأثر بالهزات،القصر قد زينت جدرانه وزواياه بـ 90 طنا من الذهب الخالص ويضم اكثر من 383 غرفة تبهر الانظار، لكن ما قصة مسلسل »حريم السلطان« الذي أحدث ضجة اخيراً؟
حريم السلطان أو »القرن العظيم« هو مسلسل تاريخي تركي يحكي جانبا من حياة عاشر سلاطين الدولة العثمانية وأعظمهم سمعة وقوة.
ورغم الكثير من الانتقادات التي طالت مسلسل »حريم السلطان« بتشويه صورة السلطان سليمان، ما زال مسلسل »حريم السلطان« يغزو اوروبا وصولا الى ايطاليا ويحقق شعبية واسعة في العالم العربي والخليجي، حيث ذكرت وكالة أنباء الأناضول ان شركة ايطالية اشترت مسلسل القرن الذهبي المعروف في العالم العربي بــ»حريم السلطان« لتصبح ايطاليا الدولة رقم 46 في العالم التي سيعرض فيها المسلسل بينما اكد موقع اخباري تابع لجريدة الصباح التركية ان عدد متابعيه في الوطن العربي قد تجاوز 100 مليون.
وذكر الموقع الالكتروني لصحيفة »حرييت« التركية أن طيران الامارات اشترت الحلقات الـ12 الأولى من مسلسل »القرن العظيم« أو حريم السلطان كما هو معروف في العالم العربي لتعرضها على متن رحلاتها ليصبح المسلسل التركي الأول الذي تعرضه الشركة الخليجية على متن طائراتها.
كل هذا يؤكد بحماس واعجاب ان ملايين المشاهدين الأتراك، والعرب، يتابعون هذا المسلسل »حريم السلطان« الذي تدور معظم أحداثه حول السلطان العثماني سليمان.
وبمزيج من الحب والحرب والكراهية والدسائس، ما زال المسلسل حول العصر العثماني الذهبي يسحر الجمهور التركي والعربي في ان واحد بل وطال الخليج ايضا فلا عجب ان يشاهده البعض من الفنانين الخليجيين باللهجة التركية فقط لمواكبة احداثه والاكتفاء بالترجمة اسفل الشاشة عبر الانترنت . اردنا ان نعرف المزيد من تصريحات الوسط الفني في تركيا من المنتجين والمخرجين والاتراك وعدد من فناني الخليج حول اسباب عشقهم لمسلسل »حريم السلطان« هل هو السلطان الوسيم ووزيره ابراهيم باشا الذي ليس بأقل منه جاذبية، ام الكثير من النساء والعاشقات وغيرهن من المتنافسات على ارضاء السلطان، ام هي الشخصيات الاخرى الرئيسية في هذا المسلسل التاريخي، ام الازياء والديكور وفتنة مريم اوزرارللي التي حازت على لقب امرأة العام بسبب هذا المسلسل.
حريم السلطان، اذا كان مسلسلاً تاريخيًا بحق؛ فماذا قال عنه الأتراك في صحفهم؟ وماذا قال في حقه فنانو الخليج؟ وهل ينقل المسلسل صورة حقيقية عن واقع حياة أعظم سلاطين العثمانيين؟
كان هذا ما عرفناه خلال هذا التحقيق :
في البداية قالت الفنانة سامية طرابلسي: حريم السلطان مسلسل تركي شغل العرب وملأ أوقات راحتهم وسهراتهم؛ بل وأحاديثهم الأسرية والاجتماعية، وانشغلت به كذلك الصحافة العربية عمومًا، فالرجال يعشقون النساء والجمال، والنساء تعشق الأزياء والرومانسية.
أتوقع نجاحه بهذا لكم وهذا النجاح يعود لجمال القصة وجمال تلك الفترة وأيضاً فضول الناس لمعرفة ما يدور في كواليس القصور في تلك المرحلة، أيضاً الصراع بين الجواري والزوجات يشد عدداً كبيراً من المشاهدين، وابداع الممثلين في الأداء.
انتقادات
اما الفنان جاسم النبهان فيرى انه ليس في الدراما العربية أو التركية أعمال لاستشراف المستقبل، رغم ما طال المسلسل من انتقادات تاريخية ولكن انا كمشاهد لست معنيًا بتصحيح الحقيقة التاريخية، كما أنني لست مدافعًا عن مخرجي ومنتجي هذه المسلسلات، لكن الأمر لا يخلو من كون هذا المسلسل قد كشف عالم السلاطين الذي لم يكن مدوّنًا رسميًا من تاريخهم تبجيلاً وتكريمًا لأجل اظهارهم على صورة من المكانة والشرف العاليين.
وقال النبهان ان فكرة التاريخ في الأعمال الدرامية تجد قبولاً واسعًا وانتشارًا منقطع النظير لدى المتلقي في العالمَين العربي والاسلامي، والسبب أن هذين العالمين لا يزالان يعيشان في التاريخ الفائت، وهذا الماضي بالنسبة لهم مصدر العزة والانتصارات والفتوحات الاسلامية المجيدة، وهذا التراجع يتأسس ويزداد مع تراكم حالات الفشل الحضاري وضياع زمام القيادة في صناعة الحدث الاسلامي والعربي مع انكسارات متتالية وخيانات متتابعة من قيادات السلطة وتجار الحروب الذين أرجعوا العالم العربي للوراء مئات من السنوات في التخلف والجهل والفقر.
وفيما تختاره الفنانة الهام الفضالة لتشاهده في رحلة بحثها اليومية بين الشاشات أكدت انها تعشق المسلسلات التركية وتشاهدها كلها بشغف حيث قالت: أتابعها بدون ملل ومن دون ما أطوف أي مسلسل أو حلقة لدرجة انني اتابع »حريم السلطان« باللغة التركية في جزئها الثالث طبعا مترجماً بالعربية اسفل الشاشة وذلك عبر الانترنت، واتمنى مشاهدة برنامج عن الفنانين الاتراك يعرفني عنهم المزيد أو حتى خلف كواليس تلك الاعمال الرائعة ماذا يدور؟
بينما عبرت الفنانة شهد عن عشقها للدراما التركية وما ووصلت اليه واكدت انها تستمتع ايضا ليس فقط بالدراما ولكن بالاغاني وقالت ان فتاتها المفضل هو كنان بطل ايزيل، وتحب ابراهيم تاتليس وتتابع مسلسل حريم السلطان بشغف وتتمنى زيارة هذا القصر في تركيا.
تقلبات المزاج
كاتبة السيناريو الهام القطان اختلف رأيها حول المسلسل فقالت : تابعت تقلبات المزاج وتباين المواقف من مسلسل حريم السلطان مثلاً، فوجدت كثيرين قد شنوا حملة شرسة وهجوماً بلا هوادة على المؤسسة المنتجة، وعلى فكرة المسلسل، لكن الحملة سرعان ما خفتت حدتها ببلوغ المسلسل عرض حلقته الخامسة ربما.
لا أقول ان شيئاً قد تغير من الأسس التي انتقد المسلسل بسببها، فالمسلسل ما زال هو المسلسل، والفكرة ما زالت نفسها، والمغالطات تملأ العمل، والاعتراضات ما زالت قائمة من قبل الأتراك قبل العرب أو المتعصبين من العرب تحديداً، لكن الذي حدث أن سطوة الصورة التلفزيونية قد استحوذت على أذهان وعيون الكثيرين، فتحولوا الى متابعين مدمنين، بعد أن كانوا متابعين متذمرين أو منتقدين.
اما الفنانة التركية فيليز أحمد الشهيرة بـ فريال خانم في مسلسل حريم السلطان قالت لـ»الشاهد« عبر حديث تليفوني: ان الفنانين الأتراك معجبين بما يتداوله العرب حول المسلسل وهذا يشجعهم للقيام بمثل هذا الاعمال التاريخية مستقبلا طالما حازت اعجاب الناس شرقا وغربا واعربت سعادتها باجواء العمل داخل المسلسل التي كانت تملؤها المتعة والمرح مؤكدة في قولها : لا ندري بما يدور في العالم الخارجي، ولا نستطيع ان نفكر في الارتباط حاليا باي عمل خارج تركيا ولكن الامر مختلف بعد نسب المتابعة التي حققها هذا المسلسل ربما تكون في المستقبل بالفعل دراما تجمع العرب والاتراك ما المانع.
اما عن شخصيتها في المسلسل فقالت: ان الشخصية التي جسدتها في المسلسل فريال خانم غير حقيقية، اضافتها كاتبة العمل الراحلة ميرال أوكاي كضرورة درامية.
بينما وجهت الفنانة مريم اوزارلي عبر تصريحها لـ»الشاهد« لجمهورها العربي والخليجي خاصة خلال لقائها بالمنتج التركي مقدر كيزيلجا حيث قالت بالتركية Çok mutlum وهي تعني سعادتها الكبيرة بالجماهيرية التي حققتها في العالم العربي، وقالت: انه شرف كبير لي أن أكون محبوبة من قبل الشعب العربي وألقى هذا الدعم الكبير خارج حدود تركيا، هذه نعمة بالنسبة لي، شكرًا لكم جميعا من كل قلبي.
وأضافت مريم انها لم تبدأ حتى الآن في تعلم اللغة العربية، مشيرة الى أنها لغة صعبة جدًّا مؤكدة -في الوقت ذاته- أنها تعرف بعض الكلمات القليلة والجمل والعبارات القصيرة. ولكن ساتعلمها حتى اتفاعل اكثر مع جمهوري العربي.
وفي سؤال لها عن جمالها قالت أعرف أنني جميلة -ولا أنكر ذلك- لكن ما أكثر النساء الجميلات خاصة العربيات والخليجيات ايضا، وأنا أتمتع بما يكفي من الذكاء كي أدرك أن الجمال وحده لا شيء على الاطلاق وليست له قيمة، ونصيحتي للمرأة أن تتيقن من هذا الأمر، لو أنني أعتمد فقط على جمالي بدون الذكاء والموهبة لكانت جاذبيتي اختفت وتلاشت عندما أبدأ بالكلام.
غزو الأسواق
بينما قال الناقد الفني التركي بيساف زاد : نجاح الدراما التركية التي بثتها الفضائيات العربية خلال العامين الأخيرين هو السبب الرئيسي في خطة السينمائيين الأتراك لغزو الأسواق العربية، في ظل الشهرة التي اكتسبها عدد من الممثلين الأتراك الذين كانوا قبل ذلك مغمورين سواء محليا أو عالميا ومنهم كيفانش تاتليتوج بطل مسلسلي نور والعشق الممنوع، وبولنت ايدال بطل مسلسل سنوات الضياع وهاتيس توبا بطلة مسلسلي سنوات الضياع وعاصي وبيرين بطلة العشق الممنوع، واخيراً حريم السلطان.
وحول رأي المنتج والمخرج التركي مقدر كيزيلجا عن المسلسل حريم السلطان قال لـ »الشاهد« ان الدراما التركية عموما نجحت في فرض سيطرتها وتشكيل أرضية واسعة لها في عدد من الدول العربية خلال السنوات القليلة الماضية، بشكل جعل المشاهد العربي يتسمر أمام شاشات التلفزون لمتابعتها رغم طول حلقاتها الذي تجاوز المئة لبعض الأعمال بفضل موضوعاتها الاجتماعية والرومانسية التي غابت عن الدراما العربية، الى جانب الجودة الفنية التي تخرج بها المسلسلات التركية من اخراج وتصوير في الأماكن الطبيعية وغيرها.
وأصبح الآن الدور على الأفلام التركية لتخرج خارج تركيا، حيث يستهدف صناع السينما الأتراك عددا من الأسواق الخارجية، وهي مهمة صعبة في ظل هيمنة الفيلم الأميركي على الأسواق السينمائية، الا أن ذلك لم يمنع من استثمار النجاح الذي حققته الدراما التركية مؤخرا وشهرة ممثليها بين الجمهور العربي لعرض أعمال سينمائية أيضا.
وتضيف الفنانة ريم عبدالله لا يركِّز هذا المسلسل كثيرًا على السلطان بقدر تركيزه على واحدة من النساء الأكثر أهمية في التاريخ العثماني؛ ومن خلال ذكائها وقسوتها وكذلك أدائها المقنع لدى السلطان تمكَّنت هذه المرأة من التحوّل من مجرَّد جارية لدى السلطان الى زوجته الرئيسية الشرعية التي باتت تتمتَّع بنفوذ كبير في بلاط السلطان.وهذا في حد ذاته اعادنا لزمن المسلسلات القديمة مثل مسلسل الف ليلية وليلة مثلا، العمل رائع يتم التلميح فيه الى مشاهد المعارك الكبيرة.ولا ينسى المخرج المشاهد الرومانسية ليخفف من حدة الطرح التاريخي ومثلما هي الحال مع غيره من المسلسلات التركية الأخرى التي تنقل صورة عصرية نسبيًا عن المرأة، فانَّ المعجبين بزوجة السلطان ونجاحها هم في المقام الأوَّل من النساء العربيات.
الجدير بالذكر ان المسلسل يُعرَض أسبوعياً وتبلغ مدة كلِّ واحدة من حلقاته نحو ثلاث ساعات، وعنوانه بالتركية Muhtesem Yüzyil القرن الرائع أو العصر الذهبي ويعود الى الحقبة الزمنية الممتدة من عام 1520 وحتى نهاية القرن السادس عشر، أي الى تلك الحقبة التي حكم فيها السلطان سليمان القانوني الدولة العثمانية وتمكَّن فيها من توسيع حدود دولته الى أقصى أبعادها.
مثَّلت هذه الحقبة العصر الذهبي من عمر الدولة العثمانية، ولهذا السبب فانَّ هذا المسلسل في الواقع يتلاءم تمامًا مع نظرة تمجيد الشخصيات التاريخية، المنتشرة في تركيا منذ وقت طويل، وهي شخصيات تجسّد الأسلاف الناجحين للعثمانيين الجدد، وهذا يعتبر من أهم مواضيع الساعة في تركيا.