سيطر ملف الشراكة مع القطاع الخاص، وتفعيل دور الصناعات الوطنية، وتحفيز الأيدي السعودية العاملة على أعمال منتدى التنافسية الدولي لعام 2016 الذي عقد يومي 24/25 يناير الماضي برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بعنوان “تنافسية القطاعات”، في خطوة تعكس مرحلة التحول الوطني التي ستشهدها السعودية خلال السنوات القادمة، وسط ملامح مهمة من شأنها تطوير أدوات الاستثمار في البلاد، وتحفيز الاقتصاد على تحقيق مزيد من النمو.
المنتدى جمع في دورته التاسعة، نخبة من صناع القرار الإداري والتجاري والاقتصادي، الذين دعوا خلال أعمال المنتدى إلى استثمار الموارد المتاحة من أجل تعزيز اقتصاد المملكة، وتنوعت جلسات النقاش في مختلف المجالات التي تدور في معظمها حول الملامح المستقبلية للاقتصاد السعودي.
“الاقتصاد” حضرت المنتدى ورصدت العديد من فعالياته، حيث نقلت عن وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق الربيعة تأكيده على أن المملكة لديها القدرة على تجاوز انخفاض أسعار النفط الذي يشكل نحو 80 في المائة من إيراداتها، بما تمتلكه من تعليم جيد ومواهب شابة كثيرة، مفيداً بوجود الكثير من القطاعات الواعدة منها قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات والخدمات المالية والتمويل والصناعة، وستشهد تطورات كبيرة على مدى السنوات المقبلة.
كما نقلت “الاقتصاد” عن وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى، عن توجه المملكة لتحول وطني يتخذ من الفكر المعرفي مساراً ومن العقول الماهرة قيادة، وقوله أن المنتدى يمثل النموذج الحقيقي للحراك المعرفي والاقتصادي في المملكة لتعزيز النمو والإعمار المستمر محلياً وإقليمياً وعالمياً، منوهاُ بثلاث توجهات أساسية لإصلاح منظومة التعليم للوصول لطالب مثالي، يشارك في تنمية المجتمع ووطنه، وهي أولاً، اعتبار التعليم وكافة محتوياته ثروة الوطن الأولى، والأداة الرئيسة لتطوير جميع مناهج الحياة، للحاق بالدول المتقدمة والوصول لمجتمع المعرفة، ثانيا التأكيد على أن رفع جودة التعليم سيعزز من قدرة الاقتصاد الوطني على النمو المستدام وسيزيد في الناتج المحلي بنسب كبيرة وسيقلل البطالة، وثالثا وأخيراً، ضرورة إعادة الاعتبار لمهنة التعليم وتخصيص نسبة كبيرة من جهود تطوير التعليم في إعداد المعلم واختياره وتعليمه وتحفيزه وتقييمه وزيادة ولائه وانتمائه للمهنة.
وتطرقت “الاقتصاد” في عددها الأخير لشهر فبراير إلى تاريخ النقود في المملكة مشيرة إلى أن مسيرة البناء السياسي للمملكة، و”توحيد” مناطقها وأجزائها المتفرّقة، تحت راية واحدة، وعلم واحد، ونشيد واحد، بقيادة الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود ـ طيّب الله ثراه ـ يبرز دور “الريال” جامعا وموّحدا ومؤلّفا، ومساهما بنصيب كبير في تدشين البداية الحقيقية والفاعلة في “توحيد” مناطق المملكة. “القصّة” بدأت من “قرش” النحاس، وريال الفضة الذي أصبح ريالا من ورق، له قيمته ومهابته بين عملات العالم، وفي سوق النقود العالمية!.
وذكرت “الاقتصاد” أن عوامل اقتصادية وسياسية في بداية تأسيس الدولة السعودية الثالثة دفعت الملك عبدالعزيز إلى اتخاذ خطوات عملية تحد من الاعتماد على النقد الأجنبي الذي كان سائداً في المناطق التي تشكلت منها البلاد قبل توحيدها، وتداولت فيها عملات مختلفة باختلاف المناطق وتعددها، وقد اتخذ الملك المؤسس عام 1925 إجراء مؤقتاً تمثل في سك عملة “نحاسية” من فئة القرش حملت اسمه عندما كان يلقب بملك الحجاز وسلطان نجد، وجعل هذه العملة هي السائدة والمتداولة في البلاد الناشئة، ثم أصدر ـ بعد هذا الإجراء بسنتين ـ أول نظام للنقد باسم “نظام النقد الحجازي النجدي المسمى بالنقد العربي”، ومعه تم سك الريال العربي من الفضة الخالصة، كما تم سك فئة القرش من النحاس، وبذلك أصبح الريال وأقسامه عملة رسمية لمملكة الحجاز ونجد وملحقاتها اعتباراً من 14 يناير 1928، وبذلك أخذت العملة العربية مكانها الطبيعي في التعامل بين أبناء البلاد، وبدأت العملات الأجنبية في الانحسار كأداة تداول رئيسية أو وحيدة.
وتناولت “الاقتصاد” سيرة حياة الراحل عبدالله صالح أبا الخيل ـ رحمه الله ـ أحد المؤسسين الرئيسيين لغرفة الشرقية، الذين تحملوا أمانة الإنشاء والتكوين والتأسيس، ونهضوا بالمسئولية، وكان لهم فضل “الريادة”، ووضعوا الغرفة على بداية الطريق. وتغوص “الاقتصاد” في التاريخ لـ 300 سنة مضت لتعرف سبب لقب الأسرة “أبا الخيل” وكيفية لقائه بالملك عبدالعزيز ـ يرحمه الله ـ في الرياض وتعيينه في الديوان الملكي، حيث استمر سنوات يعمل فيه إلى أن انتقل إلى المنطقة الشرقية التي كان نجمها قد بدأ يسطع مع ظهور النفط وشركة أرامكو ونزوح العديد من مختلف المناطق إلى الشرقية طلبا للعمل والرزق. وتستعرض “الاقتصاد” حياة أبا الخيل في الشرقية وكيف بدأ بتجارة السيارات الأمريكية ثم دخوله عالم المقاولات، وكيف أسهم في تأسيس الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية إلى جانب الشيخ حمد القصيبي، وكيف تكون أول مجلس إدارة للغرفة، وكيف كانت تحل مشاكل التجار في ذلك الوقت.
واستعرضت “الاقتصاد” خدمات وتقنية الرعاية الصحية وقالت إنها تعد مجالًا خصباً للاستثمار وتحقيق النجاح بين رواد الأعمال على أرض المملكة والتوسع إقليميا وعالميا، لتغطية الطلب المتزايد الناتج عن النمو السكاني المتسارع، وارتفاع معدل الأعمار وفرض التأمين الصحي الإجباري، بالتزامن مع انتشار الأمراض الناجمة عن أنماط الحياة غير الصحية، إضافةً إلى الأمراض المزمنة. وأشارت إلى العديد من رواد الأعمال الذين استطاعوا أن يخترقوا هذا المجال بمهارة فائقة موضحة أن حجم الإنفاق على تقنية المعلومات في قطاع الرعاية الصحية يتزايد بشكل ملحوظ، حيث قدر بنهاية عام 2015م بنحو 551 مليون دولار، بعد أن سجّل 444 مليون دولار في عام 2011، وذلك في ضوء الإقبال المتزايد على أجهزة الرعاية الصحية والخدمات الصحية الإلكترونية والمتنقلة، والتي باتت تساهم في دفع عجلة الكفاءة وخفض التكاليف وتلبية الطلب المتزايد.