ميني نيوز – القاهرة – ياسمين العساوي
بعدما اختارت لصفحتها على الفيسبوك شعار “لنقم بثورة ضد الأفكار البالية التي تضطهد البنات في المجتمعات العربية والغربية أحيانا!” اكتشفت أن ما تخيلته عن تدني وضع النساء المصريات اجتماعيًا كان أقل بكثير من الواقع، ومن يومها قررت ان تكون عونا لكل امرأة لجأت إليها، لتصبح بعدها اصغر ناشطة حقوقية تتميز بردود أفعال مثيرة للجدل وتصريحات تثير الرأي العام باستمرار… غدير احمد 22 سنة صاحبة المبادرات الجريئة (ثورة البنات، رصد انتهاكات المترو، ضد التحرش، تجنيد الفتيات…) في حوار خاص…
بطاقة تعريفية للقراء:
غدير أحمد (22 سنة) ناشطة نسوية ومسئولة برنامج التعليم بجمعية نهوض وتنمية المرأة…
متى قررتي ان تصبحي ناشطة حقوقية، وماهي الاسباب التي دفعتك إلى ذلك؟
بعد تأسيسي لصفحة “ثورة البنات” على الفيسبوك، توصلت بقصص النساء اللاتي أرسلنها بهدف النشر او الفضفضة… فما تخيلته عن تدني وضع النساء المصريات اجتماعيًا كان أقل بكثير من الواقع، ومن يومها قررت الاستمرار في هذا المجال إلى الآن.
حدثينا عن صفحة “ثورة البنات” التي انشاتها… ما هي اهدافها؟ ومالنتائج التي حققتها؟
“ثورة البنات” صوت البنت المصرية، هدفها تحسين وضع المرأة اجتماعيًا عن طريق مناقشة التحديات والقيود التي تُفرض على النساء في المجتمع باختلاف أعمارهنّ وحالاتهنّ، فحققنا نتائج تظهر جليّة في قصص النساء اللاتي قدمنا إليهنّ المساعدة، النفسية أو القانونيّة، وساهمت في تغيير نظرتهنّ لأنفسهنّ وتشجيعهنّ على اتخاذ القرارات وتحمل النتائج كاملة.
وبعض الأمثلة الحية لهؤلاء النساء: نادية عادل فتاة تعرضت للضرب داخل مترو الأنفاق أثناء تصديها لمحاولة تحرش جنسي، وقد حولتها “ثورة البنات” إلى قضية رأي عام ونظمنا وقفة احتجاجية أمام النيابة إلى أن اكتشفنا تواطؤ قسم الشرطة مع إدارة تشغيل المترو لحفظ المحضر، كذلك مروة عبد الباقي كانت على خلاف مع زوجها وقام بخطف طفلها وحبسها، فتحدثنا مع احد قيادات وزارة الداخلية لإنقاذها، واتضح ان الزوج يستند إلى قرابته لعميد بجهاز الشرطة، وقد تم اتخاذ اللازم قانونًا مع هذا العميد، وتم استرداد الطفل لأمه، ومديحة صابر عيسى او “شهيدة مترو الأنفاق”، لقت حتفها إثر إنقطاع التيار الكهربائي داخل أحد أنفاق المترو بالقاهرة، فنظمت “ثورة البنات” وقفات احتجاجية داخل المترو وشنت حملة ضد فساد هيئة إدارة وتشغيل مترو الأنفاق وطالبت بإقالة رئيس الجهاز، وقد تحولت أيضًا إلى قضية رأي عام وعلمت الرئاسة بما حدث للشهيدة وقررت صرف معاش استثنائي لعائلتها، ويوستينا بولس تعرضت إلى التحرش الجنسي داخل الحرم الجامعي، فقامت بإمساك المتحرش وحررت محضر ضده، حيث تواجدت ثورة البنات معها وقامت بتحريك الرأي العام عن طريق الإعلام، فوجهت النيابة تهمة “هتك العرض” إلى الجاني، نظرا لخلو القانون المصري من عقوبة واضحة للتحرش الجنسي وقد تم إصدار حكم قضائي بالحبس لمدة أسبوعين على الجاني.
تحدثت مختلف المنابر الإعلامية عن الحملة التي نظمتها بعنوان “رصد انتهاكات المترو”، حدثينا عن هذه الحملة وكيف خطرت لك الفكرة؟
خطرت الفكرة عندما تعرضت إلى محاولة الضرب من شخص داخل عربة السيدات، بعد محاولتي تصوير ركوب بعض الذكور إلى العربة وخرق القانون، قمت بحملة لرصد كافة الانتهاكات التي تحدث داخل المترو وأولها الغياب الأمني الواضح، عن طريق رصد وتصوير الانتهاكات ونشرها عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وقد قمنا بتنظيم وقفات احتجاجية برفع لافتات على أرصفة المترو وقد شاركنا بها العديد من الركاب وليس مستخدمي فيسبوك فقط
هل دعمك الأهل لتوجهك للدفاع عن حقوق النساء؟
في البداية لم يقتنع والدي ووالدتي بهدفي ، ولكن بعد فترة من النجاح مع أكثر من فتاة في مواجهة ما تتعرضنّ له سواء من تحرش جنسي او اعتداء أو قهر مجتمعي أصبحوا يساندونني ويؤمنون بما أؤمن به من أجل مجتمع أفضل، حتى أنهم أنفسهم قد تغيروا في معاملاتهم معي وأخوتي، وهذا ما أعتبره هدفًا في مرمى المجتمع.
تفضلين دائما الحديث عن وضع المرأة المصرية اجتماعيا، فما هي الرسالة التي تودين إيصالها؟
تمكين المرأة اجتماعيًا هو بداية تمكينها السياسي والاقتصادي، فكيف لامرأة لا تملك قرارها في حياتها أن تشارك يومًا في صنع قرار دولة بأكملها؟ ولكي تتمكن المرأة في مجتمعنا المصري يجب أن تتغير مفاهيمها عن نفسها أولاً، أن تثق أن بإمكانها تحمل المسئولية، كما أن النجاح لا يقوم على أساس الجنس، وحدها الكفاءة تفعل.
ما هي ردود الفعل التي تتلقيها اتجاه نشاطاتك لنصرة حقوق المرأة؟
كأي فكرة تخالف سياسة القطيع، رفض وهجوم، بينما الجانب المشرق هو التأييد والمساندة من المؤيدين لحقوق النساء.
ما هي مطالبك التي كنت تحميليها لنصرة المرأة العربية عموما والمصرية خصوصا خلال الثورة؟
أدعم حقوق النساء كافة عربيات أو غيرهنّ من الجنسيات الاخرى، وعلى الصعيد المحلي أتمنى ان يتحسن وضع المرأة المصرية خاصة في الريف والصعيد، وان يتوقف العنف النفسي والبدني تجاه النساء هو أحد أهدافي.
تدوينة لك عن التحرش بالبنات في ميدان التحرير أثارت ضجة… حدثينا عن التفاصيل.
تجلت ظاهرة التحرش الجماعي بميدان التحرير أثناء مليونيات الثوار، حتى وصلت إلى 19 حالة إغتصاب جماعي، دون أن يتحرك الساسة أو المعارضة للحديث عن هذه الانتهاكات التي يعتبرها جزء منهم خارج إطار أهداف الثورة او ستمس سمعة الثوار بالسوء !!
فوجهت نقدًا لاذعًا لهؤلاء الذين يعتبرون الانتهاك الجسدي للنساء في الميادين أمرًا ليس بالهام في هذه الفترة، رغم أن أول شعار للثورة دعى إلى الحرية والكرامة الإنسانية وهو ما يتم انتهاكه مع كل لحظة يُنتهَك بها جسد أنثى، قمت بالربط بين المفهوم الاجتماعي عن النساء “بلورات الكريستال” وكيف تتحول السلطة من أداة قمع سياسية إلى أداة قمع اجتماعية سياسية، تستغل ثقافة “الستر” في قمع المعارضين.
ألم تفكري ان هكذا تصريح يمكن ان يمس بأهداف الثورة واستمرارها ان ذاك؟
الذي سيمس بأهداف الثورة فعلاً هو الصمت عن مثل هذه الانتهاكات المُنظمة التي تستهدف لوي ذراع المواطنين بالانقضاض على أجساد ذويهم من الإناث، غير مهتمين أن الإعتداء واحد سواء على ذكر او أنثى، ولكن الثقافة الاجتماعية السائدة عن النساء عن أنهنّ الأضعف تثير الذعر بين الآباء والأمهات، وفي المقابل زادت هذه الاعتداءات من إصرار وتصميم النساء على مواصلة كفاحهنّ كمواطنات مصريات داخل الميادين وقمنّ بتنظيم مسيرة حاشدة رفعنّ بها آلات حادة في إشارة واضحة إلى عقاب الجاني أيًا كان.
ما هي الحلول العملية المناسبة في نظرك للحد من ظاهرة التحرش؟
الدولة في مقدمة الحلول، تجريم التحرش الجنسي ووضع عقوبات رادعة بقانون واضح وصريح، وبالتوازي التوعية من خلال الإعلام الذي استهدف النساء منذ أواخر الثمانينات كمواد إعلامية وتجلت في الفترات الأخيرة، كما أن للمجتمع المدني دورًا هام في رصد وتوثيق جرائم العنف ضد النساء.
ألا ترين ان التشهير بممارسات التحرش لا تنصف البنات وتضرهن غالبا؟
أتحفظ على كلمة “التشهير” لأن الحديث عن جريمة تم ارتكابها في حق إنسان ليس تشهيرًا، كما أني أرفض ثقافة لوم الضحية ، عند التحرش بها تكون مجني عليها وليست جاني، وتسليط الضوء على مثل هذه الممارسات يقوم بتوعية المجتمع كما يساعدها أن تأخذ حقها، أما عن الضرر الذي يلحق بالمُتحرّش بها من ضرر نفسي وبدني أكبرمن كلمة لوم يبرر بها البعض قلة حيلتهم في التصدي للجاني.
ما هي الممارسات التي تنتقديها وتعملي للقضاء عليها دون التحرش؟
العنف الجسدي ضد النساء بوجه عام، من ختان ، عنف أسري، زواج قاصرات، بالإضافة إلى العنف النفسي المتمثل في الإجبار على اختيارات بعينها، مثل ارتداء الحجاب او خلعه، الإيذاء النفسي الذي يتعمّد تدمير ثقة الفتاة في نفسها، والنظرة الدونيّة للمرأة في بعض المجتمعات.
هل سبق وطالبتي بتجنيد الفتيات في الجيش؟ وما هي الأسباب؟
الحقيقة صرحت بها في إحدى المقابلات وقلت أن الأنثى إنسان مثل الذكر، مواطنة لها حقوق وعليها واجبات، أجد أن من المساواة التي ندعو إليها ان تلتزم الأنثى بالواجب الوطني المتمثل في التدريب على حمل السلاح وخوض ميادين الحرب، وأكبر مثال على ذلك وهو ليس ببعيد مجندات بورسعيد أثناء العدوان الثلاثي على مصر 1956، وكذلك الثورة، فأكثر المعارك دموية كانت تتواجد بها النساء جانب الرجال في الصفوف الاولى.
ما هي الاحلام التي تراودك لحل مشكلات بنات العالم العربي؟
أحلامي أن تُعامل الأنثى كإنسان كامل الأهلية ، له من الحقوق وعليه من الواجبات ما على الذكر.
في نظرك… ما هي الصفات التي يجب توفرها في الناشطة الحقوقية؟
الإيمان بالقضية ، الصدق، الشجاعة، القدرة على المواجهة، التفاؤل، الحماس.
كلمة اخيرة توجهيها لبنات جيلك
أنتِ لستِ ضعيفة، كل ما تواجهينه هو طبيعي نتيجة تراكم ثقافات تضطهد المرأة منذ عقود، كوني على استعداد للمواجهة، تحمّلي في سبيل ما تؤمنين به، إصرارك على الوصول لهدفك هو سر نجاحك، ما ستواجهينه من محاولات إحباط لعزيمتك هو تحدي عظيم، كوني حكيمة في تصرفاتك، لا أحد يعرف ما يناسبك غيرك أنتِ، لا أحد يستطيع أن يقرر لكِ، فكري كثيرًا، قرري، ثم قومي بالتنفيذ وتحمّلي المسؤليّة